في ذمة الله

وداعا عمتي أم المعتز- نبيل خالد- الدوحة


علمتنا الحياة أن أوراق الشجرة لا تتساوى في توقيت تساقطها، وكذلك هي أوراق شجرة حياتنا التي نحياها، تارة يموت المولود بعد ولادته بساعات وتارة يموت وهو في ريعان شبابه، وتارة يرحل عن الدنيا بعد أن يبلغ من العمر عتيا. وأطول يوم في حياة الإنسان هو يوم ولادته، وبعدئذ يبدأ العد التنازلي من عمره المديد أو غير المديد حتى يصل نقطة النهاية الحتمية.

هذه حقائق يدركها الناس، وقد أردت التذكير بها فقط كي لا يطمئن أحد منا الى الخلود في هذه الدنيا، وللتذكير بقول حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم «أكثروا ذكر هادم اللذات» وهذا قول وجيز جمع التذكرة والموعظة .. وهل هناك ما يهدم اللذات غير الموت وغياب الأحبة الأبدي؟ نقول هذا القول ونحن نشعر بالحزن على رحيل إحدى السيدات الفاضلات من الرعيل الأول من أمهاتنا المرحومة الحاجة بشرى شراب «أم المعتز» زوجة عزيزنا المرحوم المجاهد حلمي أحمد الأغا «أبو المعتز» الذي قضى نحبه في عام 1988م الذي افتقدنا خلاله نخبة من رجالات عائلتنا الأعزاء منهم: عبد نعمات «أبو إبراهيم» ، وعيد حسين «أبو عدنان»، والشيخ فهمي حافظ «أبو رياض» وحمدي حسين «أبو مروان».

 وتربطني بعائلة العم أبي المعتز وزوجه وأولاده علاقة وطيدة وعتيقة، وضاعف من متانتها علاقة المودة التي ربطت بين والدتي المرحومة الحاجة رقية محمد حمدان الأغا «أم أحمد» والخالة الرحومة بشرى خالد شراب «أم المعتز».

 وأدين شخصيا للراحلة العزيزة بالعديد من المواقف الإنسانية النبيلة، ففي طفولتي كانت أم المعتز هي الطبيبة الماهرة التي كانت تعالجني من انتفاخ وورم أحد جانبي وجهي والمعروف عند العامة بـ «أبو داج»، فكانت رحمها الله تكتب آية الكرسي بقلم «الكوبيا» عدة مرات ثم يزول الورم بأمر الله، وفي كل مرة كانت ترفدني بما يتوافر عندها وتجود بها كفها من الشوكلاتة والملبس والحلقوم.. هذا في مرحلة الطفولة.

بطاقة الزواج

  أما في مرحلة الرجولة ففيها حدث المعروف الأكبر الذي غمرني به العم أبو المعتز والعمة أم المعتز معا، وذلك في عمان عام 1970م كيف؟ انتويت في ذلك العام البعيد إكمال نصف ديني بعقد قراني على زوجتي الحالية السيدة وداد محمد عبدالسلام الزميلي فواجهتني مشكلة كتابة بطاقة الدعوة، ذلك ان والدي توفاه الله في خان يونس في عام 1961، ولم يكن الأمر متاحا لإحضار الوالدة الى عمان فاستنجدت بالعم أبي المعتز الذي  صادف وجوده مع حرمه في عمان لكتابة الدعوة باسمه، وهو ما تم فعلا «نص الدعوة مرفق بهذا المقال».

وأثناء زيارتي لخان يونس في عام 1995 بعد مضي نحو عشرين عاما على غيابي عنها، حرصت على زيارتها، فاستقبلتني استقبالا أموميا حانيا، وما برحت أتذكر قولها لي: والله لو لم تزرني يا نبيل لعتبت عليك عتبا كبيرا، فأجبتها وأنا أغالب دموعي: والله يا عمتي أم المعتز لن أتوانى عن زيارتك ولو أتيتك زحفا، فأنت في مقام أمي في غياب أمي .. فخانتني دموعي فبكيت، وزاد من بكائي حينما سردت لي بعض مواقف ايجابية لوالدتي رحمها الله.

 يا أحبائي .. يا معتز، يا معتصم،  يا منتصر، يا مهران، يا ميسون، يا مروة، يا صفاء، يا نرمين .. ويا كل أحفاد وأحباب أم المعتز، ناشدتكم الله تعالى ان تسامحوا الحبيبة، وأن تكثروا من دعائكم لها بالرحمة والمغفرة والعتق من النار.

 يا عمتي أم المعتز .. نسأل الحق تبارك وتعالى أن يكرم وفادتك، ويغفر ذنوبك، وينزلك منازل الشهاء والصالحين، وأن يرحمنا جميعا إذا صرنا الى ما صرت اليه. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا «إنا لله وإنا اليه راجعون». 

أبو خلدون/الدوحة يوليو/2009



 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. نبيل خالد نعمات خالد الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد