مقالات

إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم- جواد سليم إبراهيم سليم


بداية أبرق ببرقية اطمئنان لأهلنا وأبناء عشيرتنا وأحبابنا في الخارج أننا هنا في أرض العزة بخير. فنحن في نعمة استشعار معية الله وتلمس القرب منه عز وجل رغم المجازر المتواصلة... فإحساس العباد في الشدائد أن الله قد ربط على قلوبهم وثبت أقدامهم شعور لا يوصف.... فلا تقلقوا علينا لكن لا تنسونا من الدعاء. كما أتوجه للأحبة الأعزاء من آل الأغا في منطقة السطر الغربي الذين تعرضت منازلهم للقصف الليلة الماضية بعبارات المواساة والمشاركة والدعاء الصادق بان يعوضهم الله خيرا والحمد لله على سلامتهم ونسأل الله السلامة للجميع. وبعد،

 مع استمرار الموجة الحالية من موجات التصعيد الإسرائيلي على غزة ومع تصاعد ضجيج القصف وتكاثف دخان المعركة وتطاير الأشلاء وارتقاء الشهداء .... تستمر وتتزاحم الخواطر والأفكار في النفوس والعقول، فكل حدث أو خبر عاجل في غزة له مدلولاته وأبعاده. ولأن سنن الله كانت ولا تزال وستبقى ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، ولأنه عز وجل حثنا بل وأمرنا أن نتأمل ونقرأ أحداث كونه المنظور ونستعين في فهمها وتحليلها بقرآنه المسطور، فقد أردت في هذه الإطلالة القصيرة أن ألفت النظر وأسلط الضوء وأذكر بجملة من النقاط والمعاني ذات المدلولات الخاصة كما يلي: 

• إن الأحداث كلها تجري بقدر الله ليقضي سبحانه أمراً كان مفعولاً، فكثير من المعارك في عهد الرسول والصحابة والتابعين فرضت على المسلمين فرضاً وقد جاء ذلك في أكثر من موضع في القران الكريم (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) ولكن الله عز وجل يريد بإرادته النافذة أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، فحتى وان لم يقطع دابرهم بالكامل في جولة بعينها فسيكون لكل جولة ما بعدها وسيقربنا الله للنصر الكامل والتمكين الشامل خطوة حتى لو جاءت نتيجة الجولة على عكس ما يريده الناس، فلو هزم المسلمون في جولة من الجولات مثلاً فإن الدروس المستفادة من تلك الجولة ستكون كفيلة بالمساهمة في تحقيق النصر مستقبلاً ومراجعة السلبيات الوقوف على الثغرات. فالنصر والهزيمة لا يقاس وفق معايير آنية على المدى القريب بل إن تبعات الأحداث وما ستؤول  إليه على المدى الأبعد هو الفيصل في حسابات النصر والهزيمة ولعل صلح الحديبية من أجلى الشواهد على هذا الموضوع.

• لقد حققت المقاومة في هذه الجولة ولا تزال تحقق إنجازات مميزة لا ينكرها إلا من أصيب بالعشى الفكري فنسأل الله أن يديم هذه النعمة. إن هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا فضل لله أولا وأخيرا، فالنصر من عنده، والمدد منه وحده (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى). أن معية الله هي سبب كل انجاز، فقد ربى الله المقاومة على عينه رغم التضييق والمكائد، وأيدها بتوفيقه رغم أنوف من يعتبرونها عبئاً وعبثاً، ومكن لها بقدرته المطلقة وذلل لها سبل الترقي والتطور فباتت بإذن الله لاعبا مركزيا في المعادلة وحققت من التوازن ما حققت. فالله الحمد والمنة.

• يجب أن تقر في أفئدتنا وأذهاننا حقيقة مطلقة مفادها أن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه فلقد رفعت الأقلام وجفت الصحف. إن هذه الحقيقة تريح الإنسان المسلم من كل ما قد يكدر صفو حياته من تعب ونصب ولأواء. كذلك فقد منحنا الله تعالى ما يخفف عنا أكثر وأكثر وأكثر فقد جاء على لسان المجاهد الأول رسولنا الكريم أن ما أصابنا من هم ونصب وقرح هو ذخر لنا وحصيلة لنا ندخره في الآخرة في حياتنا الحقيقية، فالأمر لا يحتاج أكثر من بعض الصبر في امتحان الابتلاء (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس  والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).

• الجولة الحالية من جولات الصراع مع العدو كشفت بما لا يدع مجالاً للشك أن بيت العنكبوت أكثر متانةً وتماسكاً من هذا الكيان الهش. وأننا لو استوفينا شيئاً من متطلبات وشروط النصر فسيفتح الله علينا ينابيع مدده وسيقذف في قلوب العدو الرعب والهلع. لقد أمرنا الله أن نعد لعدونا ما استطعنا من قوة لنرهبه بها، وبالفعل فلقد اجتهدت المقاومة خلال السنوات الماضية وأخلص المجاهدون وبذلوا الغالي والنفيس وتحملوا لم يتحمله بشر من تضييق واغتيالات وهمز ولمز، وفي النهاية وجدوا أن ما أعدوه لا يقارن بالمقاييس المادية بما يمتلكه العدو من ترسانة عسكرية هائلة وهنا وقفوا جميعا وودعوا الله وقالوا بلسان الحال ولسان المقال (اللهم انك تعلم أننا قد أعددنا ما استطعنا كما أمرتنا ولم نأل جهداً في ذلك وهذا أقصى ما تمكنا من تحقيقه، فكن اللهم معنا كما وعدتنا واقذف الرعب في قلوب عدوك وعدونا وبارك في قليلنا، وثمن بخس بضاعتنا وأيدنا بجند من عندك ووجه سهامنا وسجيلنا التي استهزئ بها إلى حيث تريد أنت فأنت القادر وأنت الناصر وأنت القوي) وهذا ما كان وسيكون مستقبلاً بإذن الله في جولات الصراع القريبة المقبلة.

• لا يوجد طعم أشهى ولا أحلى من طعم العزة في نفوس المؤمنين وفي المقابل فزقوم الذل والتبعية منتن وحميم المهانة لا يستساغ عند تلك النفوس المؤمنة. والعزة المقصودة هنا هي الارتباط بالله وبحبله المتين وطريق رسوله القويم ونهج السلف الصالح (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) فمع كل انجاز للمقاومة وما يتبعه من تخبط في صفوف العدو بتنا نستشعر طعم مصطلح العزة الذي هو عكس مصطلح الذلة. لقد ضحك علينا القوم وخدعونا عندما قالوا أن الذلة لا عكس لها في قواميس اللغة وأنها هي الكلمة الوحيدة المتاحة حالياً فلا بديل عنها إلا الكلمات التي من صنفها كالتسول والتوسل. لكن المقاومة استطاعت بإذن الله وتوفيقه أن تعيد للمصطلحات معناها الحقيقي وطعمها العذب وريحها الطيب فكل أيام العزة والكرامة التي عشناها وسنعيشها مستقبلا لا محالة كانت بفعل المقاومة المكللة بتأييد الله، فانسحاب اليهود من غزة كان يوم عز وكان بفضل المقاومة، ويوم تحرير أبطالنا الأسرى الذي كان يوما من أيام الله جاء بفضل ثبات وصمود المقاومة، واليوم عندما نرى بعض الإنجازات ونستشعر معية الله لا يسعنا إلا أن نردد الآية المذكورة آنفا ونحمد الله ونشكره. في الحقيقة أنني لم أر السواد الأعظم من شعبنا موحداً كما أراه هذه الأيام فلقد ذابت الخلافات وتلاشت الانقسامات، وعند تفحص السبب في هذه الوحدة الحالية يتبين لنا أن السبب هو الشعور بالعزة الذي بات يتملك الجميع ويسيطر عليهم فالوحدة تكون بين من يشتركون في وحدة شعورية واحدة فلا يمكن أن يتوحد عزيز استمد عزته من الله ومن دينه ومن تاريخه ومن ثقته بنفسه وبشعبة وبين ذليل يتوسل الطعام على موائد اللئام فلم لا نبني على ذلك ونغتنم الفرصة.

• احذر من سريرتك... اختم النقاط التي أود التركيز عليها في هذه الإطلالة بهذه النقطة التي أتمنى من الجميع الانتباه لها وهي ضرورة أن يكون خطك أخي الحبيب واضحا حال تمايز الصفوف وان تكون قناعاتك التي تبديها هي نفس ما تكنه سريرتك واحذر بعض الكلمات والمشاعر السلبية مثل (الله لا يرده بيستاهل ما حد قال له يضرب الصاروخ) (او راحت على اللي مات) وراجع أخي نفسك واستحضر انك يوم القيامة ستحشر مع من أحببت. كذلك وفي هذا السياق  فإنني اذكر بالآية القرآنية (ولا يجرمكنم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى) فلا يدفعك أخي الحبيب كرهك لجماعة أو فصيل على ألا تعدل في التقييم أو الرأي فالجميع وأنا شخصيا لي ملاحظات كثيرة على كل الفصائل والقوى الفلسطينية المقاومة بلا استثناء لكن هذه الملاحظات والخلافات تذوب ما دام الخط العام صحيحا وما دام الخلاف فقط في آليات العمل والتفاصيل عندئذ يجب أن نتخندق في خندق المقاومة والصمود.

إن غزة ستنتصر وفلسطين ستتحرر بنا أو بدوننا فهذا وعد الله، ونحن مخيرون إما أن يكون لنا سهم من شرف المشاركة في النصر كل بما يستطيع (يمكننا الرجوع إلى المقال المميز للأخ العزيز بلال حول الجهاد المدني) أو نكون الأخرى والعياذ بالله ....  (كتب الله لأغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز)

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على الدكتور جواد سليم إبراهيم سليم الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد