مقالات

جلست علي ضوء القمر- بقلم أ. سماح عبدالقادر الأغا

جلست علي ضوء القمر .. أحادث نفسي بكلمات ..كادت أن تستغرب من الحوار.. فعقدت معها هدنة للصباح، وقلت لها سأهدئ من روعك ولكن دعيني أكتب بعض الكلمات ، فذاكرتي تحتاج لبعض الترتيب

عاتبتني وقالت: -

كأنك لست أنت  هذه اللية ، كيف ستكتبين ما تشعرين به وآنت لا تفعلين ذلك حتي مع نفسك ؛ كيف ستجعلين تلك الكلمات تجسد مشاعرك الحقيقية وترتسم هنـا ، فإن ذلك أراه صعباً عليكِ يا عزيزتي ؟

تبسمت بهدوء وكأنني أستهز "أستهزأ"  بها:-

يبدو أنكِ نسيتِ من  أكون يا هذه ؟؟ فمن قال بأنني سأعبر عن مشاعري؟! ، فما زلت عند قناعتي التي تخبرني بأن ذلك لن يعلم به سوي خالقي " فهو الذي يعلم بما هو داخلي ويتحكم به كيفما يشاء" ولكن أريد أن أكتب أي شيء ، فهل تساعديني

 "" آخيراً ,,, وافقت علي ذلك ، ولكن  رفقاً بكلماتك يـ أنتِ

 فبدأت أخط كلماتي دون تحديد العنوان وبالنهاية كانت "خواطر من القلب " أو سأطلق عليها.

 "  مشاعر بلا قيود"

كان مجرد انسان التقيته بالصدفة لأول مره ، هو من اختارته عيناي   .. مازال في ريعان شبابه ، كان يقف هناك بعيداً بعض الشيء عني، كنت كلما نظرت الي ذلك الاتجاه أراه ينظر باتجاهي ..وعند المساء قرأت  رسالة  في بريدي " كنتِ فاتنة اليوم ... وَسَعٍدْتُ جداً بالنظر إليك " كنت أعلم بأنه مصدرها، ولكن ما زلت لا أعلم  شيئاً عنه. في كل يوم نلتقي بعيون صامتة.ولا احد يعرف ماذا كانت تفعل بي تلك النظرات، ولا هو نفسة ، ولكن لا أنكر بأنني كنت أنتظر  الصباح بشوق غريب ، أسعي مبكراً إلي جامعتي ، ألقى الجميع بفرح ينبع من داخلي ، وبابتسامه رقيقة لا تُكّب مشاعر من الفرح جديدة ، حتي تقع عيني عليه، وفجأة تكاد تختفي تلك البسمة خجلا، فتتملكني مشاعر غريبه، مرت الأيام ، وتنامت مشاعر نُنكرها واقعاً بحكم العادات، ولكنها تتنامى كلما امتدت الأيام بنا ...

لم تكن رسالته الالكترونية إلا ليقول: آنا هنـــا .... ولكن كثيراً ما كنت أتغاضى  وأدور بوجهي سريعاً الي الناحية  الأخرى، ثم تنجذب العينان تلقائياً إلى حيث هو،  فتلتقيان، زادت سعادتي عندما استلمت رسالة ثانية بنفس الطريقة الأولى ..عرفت المرسل دون ان اري اسمه " فقد كانت الكلمات كأنها ترسم علي ملامح وجهه ، يعترف لي بحبه ، وبنفس الوقت يعاتبني بصمت لا اعلم ماذا حدث ... هل يجب أن أذهب وأصارحه بحقيقة مشاعري ،  أم أنني ما زلت غير قادرة  على أن أخوض تلك المرحلة، فقد كان لابد من أن أتخذ  موقفاً مخالفاً لمشاعري، وهو ليس مجبر أن يتحمل ذلك معي. فقد تألمت كثيراً، وتمنيت لو أنني لم أقابله ، فكان القرار، وانزويت من حياته، ولكن مازال يسكن في القلب بعض من تلك المشاعر، وعلي أن أدين عواطفي البلهاء التي تخالفني في بعض المواقف .

فكان حتماً علي أن أواجه عواطفي بقوة ، وامسك نفسي وأمنعها من تلك النظرات ، ويجب ان يتوقف القلب عن تلك النبضات والعقل عن ذلك التفكير. بدأت أتهرب من ذلك، ويوما عن يوم حتي قاربت علي نسيانه وقد مر وقت طويل دون أن أراه ،
وفي أحد الأيام كنت أسير علي شاطي البحر، شاكياً له حالي، وأريد بعض اللحظات مع نفسي وفجأة، تسمرت كما كانت عيوني سابقاً، وحدّقت النظر إلى ذلك الواقف أمامي.. أوقف معه القلب عن الخفقان ، والكلمات ضاعت بين الشفاه والعيون، ذُهلت مما رأيته،  أنه هو ذلك الشخص  مره أخري ، ولكن على مسافه أقرب بكثير .فكانت لغة العيون المعاتبة، تمالكت مع نفسي، واستجمعت قواي، ومشيت في نفس الاتجاه.
بدأت الخطوات تتحرك قليلا و العيون تخاطب بعضها، إلى أن ابتعدنا قليلاً.
وفجأة قال : أنتِ   أنتِ، فقلت له، أنتَ أنتَ، استجبت لطلبه، وبدأت أستمع لِما يقول،
روي لي طرفاً من حياته، عرفت أنه ينوي الزواج من أبنة عمه ، وهي بنت لطيفة، ولكنه مجبر علي ذلك، خاصة وأنه لم ينل من التعليم إلا القليل، فهو يشعر دوماً أنها تتكبر عليه رغم محاولاتها المتكررة لتؤكد له أنها تحترمه...شعرت أنه يعيش يحيا في جفاف عاطفي، ولعل ذلك ما جعلني  أوافق أخيراً على الالتقاء به مرة أخرى.
. . تكرر لقاءنا في كل يوم تقريباً، وفي كل لقاء يزداد الحب، وتتعلق القلوب ببعضها. نسي موضوع  أبنة عمه  أو ربما تناسينا ذلك.. .

أحيانا كنت أنفرد بنفسي وأسألها . لماذا كل هذا؟ وأين القرار الذي اتخذتيه على نفسك من قبل؟ لماذا هذا الضعف الذي لا أدري أين يقودني؟ أحسب نفسي أنها قادتني إلى نفاق مع مشاعري، وأفترض حسن النية لكلانا... وكلما تذكرت  بأن المصير معلوم، وأعلم بأنني فقط أريد مواساته في محنته ومساعدته في أكمال طريقه بشكل صحيح وأننا سنفترق يأخذني الحزن بعيداً.... ويقنعني بأنه قادم مع فراقه لا محالة بل هو سبقه... فالحزن منذ الأمس بدأ يطرق علي باب  كياني كأني أجلس إلى عزيز يعاني من مرض ميؤوس من شفائه. . . أبكي في صمت بغير دموع.وجاءت اللحظات الصعبة التي يجب أن نفترق فيها، كان علي أن أغادر في ذلك اليوم ، أردت أن أذهب دون وداعه حتى يبقى لي أمل في رؤيته مرة ثانية، ولكن أبى القدر إلا أن نلتقي.تحدثنا يومها بلا انقطاع، لم تفارق عيناي عيناه لحظة واحدة، تمنيت له السعادة وتمنى لي التوفيق، افترقنا في لحظة كأن روحي تفارق جسدي. . . نظرنا إلى بعضنا وأطلنا النظر.، ولكن كان لابد أن يذهب إلي هناك حيث تنتظره عروسته ليأخذها ويشق طريق حياتهما الثانية .

هو ذهب إلي زفافه ولكي يلتقي بعروسته ، وأنا عدت مليئة بالألم والأسي مع ابتسامه حزينة جداُ  ركبت سيارتي. . . كانت أخر النظرات تبرق من شدة صفائها وتلمع كحبات الماس من الدموع المخبأة بين الجفون  ، وما زالت كذلك حتى اختفت تماماً.

خلال فترة فراقنا التي مضى عليها سنوات طويلة ، لم أتلقَ أي أخبار عنه .. وان كانت صورته لم تفارق ناظري  بأشكال متعددة لكن وجهه لم يتغير.... ذلك الوجه الهادئ الذي يحمل طابعاً مختلفاً ، وبعض الهمسات التي تخرج في صوت خافت:

" أما زال يذكرني".

كان هناك كتاب توقفت عند جملة في إحدى صفحاته تقول: " ربما كانت حياة الوحدة والوحشة حافلة بأطايب النعم... إن وفاء النفس وصفاء السريرة يسبغان على الروح طمأنينة وسكينة هما لب السعادة وجوهرها".

وتساءلت هل بالإمكان حقا أن نكون بأحزاننا وهمومنا سعداء ما دام ثمة شعور بالوفاء والإخلاص يملآن جوانب النفس...

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على الأستاذة سماح عبدالقادر عثمان حسن قاسم الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد