في ذمة الله

رثاء الأخ والحبيب والصديق عصام- بقلم أ. حسام الأغا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، الحمدلله الرحمن الرحيم، الحمدلله البرّ الغفور، العفو الكريم، الحمدلله الذي بيده تتم الصالحات، يا رب لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى، يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، يا رب لك الحمد والشكر على نعمك ظاهرة وباطنة، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، سبحانك ربي عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون، اللهم صل وسلم وبارك على سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم..

أسبوع مرّ وعن عمر ناهز الـ 53 عاماً، ودعنا الأخ والحبيب والصديق، عصام أبومحمد، الذي ابتلاه الله جلّ في علاه، بمرض العصر منذ ما يقارب الأربع سنوات، (سرطان في العظم والكبد والرئة)، لم ييأس ولم يقنت من رحمة الله فكان خير مَن تعايش مع هذه الخلايا التي أخذت تفتك بجسده شيئاً فشيئاً، أخي تعالى على نفسه ولم يشعرنا رحمه الله بأنه مريض بالسرطان، تعايش مع الغازي الجديد ولم يجزع، يذهب لأخذ الجرعة التي اعتادها، وبعدد قطراتها أوأكثر تسبيح وتهليل وشكر واستغفار، فكانت المحنة عبارة عن منحة ربانية اختصها ربنا عز وجل لحبيبنا الغالي عصام لترفع من قدره وشأنه..

أربع سنوات قرّبته من خالقه، فبعد يوم من جرعته يقوم ليمارس عمله وكأن شيئاً لم يكن، يكتم ألمه ومرضه إذا هاتفناه وعند لقاء والدتنا الغالية أطال الله عمرها وأتم عليها الصحة والعافية، يذهب لعمله يداوم على صلاته في المسجد وغالباً ما كان يؤم المصلين رغم ما هو فيه محتسباً أمره ومرضه لله، صابراً، حامداً وشاكراً، يشارك الناس مناسباتهم يفرح لفرحهم ويشاطرهم الأحزان عند الملمات حتى أنه يشاركهم دفن موتاهم، وإذا ما أخذت الجرعات مأخذها وسقط شعر الذقن والشارب والرمش والحاجب، وانتفخت أوداجه وضع طاقيته أو حطته على رأسه وعاش حياته دون تذمر أو ضجر، يا الله كم كنت حنوناً علينا حتى في مرضك، فوالله ما هاتفناه إلا وقال بأنه بأحسن حال حتى عند وفاته وساعاته الأخيرة..

عصام أي قوة وأي إرادة تحمل بين جنبيك، أي عِزّة وأي إباء وشموخ يسكن عقلك وقلبك، عصام مهني من الطراز الأول وصدقت أمي حين قالت عصام نور عيني وقلبي وهو يدي وقدمي، يفهم ويجيد صنع وعمل كل شيء، هذا وغيره أكسبه حبّ الجميع، كبيراً كان أم صغيراً في بيتنا وحارتنا وحتى أبعد من ذلك، ففي عيد الأضحى سيفتقده الكثيرون، فرحماك ربي بأمي التي فقدت فلذة كبدها، فهنيئاً لك أماه بيت الحمد ورزقنا برّك ورضاك وجمعنا وأسكننا جميعاً الفردوس الأعلى في بيت الحمد بيتك، فإلى جنان الخلد يا عصام..

رحمة ربي وسعت كل شيء، رحماك ربي بجسد أنهكته جرعات الكيماوي التي لو صبت على صخر لأذابته، رحماك ربي بأخي وحبيبي، رحماك ربي بأول مَن لَحق منّا بأبي، رحماك ربي بمَن صبر واحتسب وابتغى الأجر من وجهك الكريم، رحماك ربي بمَن حبس الآه رحمة بأمه، رحماك ربي بمَن كتم الألم رحمة بأخته وزوجته وأبنائه، رحماك ربي بمَن بكى قلبه قبل عينه على غربة الأخوة والأخت، رحماك ربي بعصام الذي صالت به الدنيا وجالت، رحماك ربي بعصام الشهم الكريم..


عصام لقد ضربت أروع مثال في الصبر والاحتساب، الأيام الـ 20 الأخيرة تقريباً هي التي زاد فيها مرضك وانتشر، وبلغ منك ما بلغ وازداد صبرك واحتسابك، هنيئاً لك حسن الخاتمة ونزع الروح بسهولة ويسر، والتشييع برفقة الشهيد، هنيئاً لك بزوجتك جزاها الله خيراً عن كل قول وفعل وعمل، فنعم الرفيقة والزوجة الصالحة، هنيئاً لك الولد البار الذي أردت تقديم يوم زفافه ويأتيك بعروسه بثوبها الأبيض للمستشفى ويكحل عينيك برؤيته عريساً لتزف أنت بعده بأسبوع..

الأخ هو السند والعضد، الأخ هو الذي لا يعوّض، وهنا تحضرني قصة الطاغية الذي خيّر إحداهن بقتل زوجها أو ولدها أو أخيها وهنا قالت: الزوج موجود والولود مولود، أما الأخ فلا يعوّض فعفا عنهم إكراماً لها، وكذلك الخنساء التي قالت الحمدلله الذي شرفني باستشهاد زوجي وأبنائي، لكنها لم تنفك عن ذكر أخيها صخر حتى وفاتها..

أيها الأخ الحبيب إياك ثم إياك بقطع أخيك بادر وصلْ رحمك وكن أنت المبادر الواصل حتى وإن قطعك فلست تدري مَن سيموت أولاً.. اللهم لا تريني في أمي وأخوتي وأخواتي يوماً أسود.. اللهم ارحم أبي وأخي وعمي وعمتي، وخالي والطف بخالتي، وارحم جدي وجدتي وزوجاتهم وأزواجهن وجميع موتى المسلمين واجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة..

محبك: حسام الأغا

اضغط هنا للتعرف على المرحوم أ. عصام عثمان محمد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد