مقالات

للذين رحلوا إلى الدار الآخرة


للذين رحلوا إلى الدار الآخرة



" بصمت وحزن ، يرحل الأحبة من بيننا ، فكيف بالذين عاشوا بيننا زمناً طويلاً ، عشنا معهم طفولتنا وصبانا ، لهونا وجدنا ، كنّا نرقبهم وهم يسيرون من بين الشجر الأخضر كلَّ " عصرية " يرسمون لهذه الأرض ، حدود التجذر في المكان والزمان "

***



آلمني خبر رحيلك أيها العم الطيب ، دارت في رأسي كل الذكريات والمواقف التي مرت بنا ، كنت أتخيل دوماً ان الكبار كذاكرة التاريخ لاينتهون ، وأن الكبار يبقون حتى وإن كانوا على عكازاتهم ، أو على كراسيهم المتحركة !!

وصلتني ثلاث رسائل قصيرة ، كلها مكتوبة بالحزن والفقد " عمو أبو حسين في ذمة الله " ، توقف قلبي عن النبض ، لاحول ولا قوة إلا بالله وإننا لله وإنا إليه راجعون ، بدأت ذاكرتي الممتلئة شوقاً تنتفض ، وتنفض بعض الغبار لتسرح في تلك الأيام اليانعة ، حينما كنت في الثانوية العامة ، أدرس تحت بيارة البرتقال ، كنت أجدك تجلس هناك على تلك العتبة المقدسة _ تحت بيت عمو أبو عبد الله _ و التي لم تتركها حتى آخر يومٍ رأيتك فيه !!

كنتُ آتي بكتبي وملازمي وأقلامي ، وأجلس إلى جوارك ، نتحدث في كل شيء ، تارة أقرأ عليك ما درست ، وتارة أخرى تملأني حباً وأنت تسرد لي ذكريات الماضي ، وأيام الشباب ، كنت سعيدة جداً وأنا إلى جوارك ، فكنت كالأب وكالجد اللذان فقدتهما برحمة من الله !!

ذات يوم حملت معي كاميراتي الصغيرة وذهبت إلى ذلك المكان المعتاد ، أخذت صوراً ولقطات كثيرة لفقيدنا الغالي ، كانت الصورة تشرق بابتسامته ، كما كان صاحب صوت عذب ، يطربني ببعض الألحان القديمة ، فتخرج منه بعفوية شديدة ، كنت أعشق هذه التلقائية وتعانق الأجيال ، أجل فكنّا جيلين متباعدين ، تفصل بيننا سنوات كثر ، لكننا كنّا نتابع بشغف أخبار الحاضر والماضي ، كما أن العم أبا حسين كان مواكباً للتطور وحركة الحداثة ، فقد كان يعرف أخبار العالم بدقة ، والتحليلات السياسية وآخر الأخبار،

ثم ينزل الظلام ويحل المغيب ليقطع علينا تلك الجلسة الرائعة التي تعلمت منه فيها الكثير!!



كل هذا دار في خلدي حينما وصلتني رسالة تعلمني بوفاته ، كلنا نسلم للقدر ، لكن الحنين دائماً يسافر بنا عبر الزمان والمكان ، لنتعانق مع الومضة فنصنع منها جيلاً من الذكريات !! فهل ياترى حينما أعود ، وأرى تلك العتبة بدون صاحبها ، لابد أن الصبر واليقين سيكون معنا ، بمدد وعون من الله .



رحم الله العم الغالي ، وأسكنه فسيح جناته ، وألهمنا الصبر والسلوان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .



هبة محمد الأغا

الشارقة

22/2/2007

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. هبة محمد نايف محمد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد