متفرقات

الراحلة مديحة البطة... عطاء لا يموت- نبيل خالد الأغا- الدوحة

الراحلة مديحة البطة.... عطاء لا يموت نبيل خالد الأغا- الدوحة

 

أحبابنا آل البطة وآل ابوستة الفضلاء
أحييكم بتحية أهل الجنة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أحسن الله عزاءكم وعزاءنا وعزاء خان يونس وفلسطين في رحيل الفقيدة الغالية، المغفور لها وللمسلمين جميعاً إن شاء الله جل جلاله الحاجة مديحة حافظ البطة (أم حسين) زوجة الراحل الكريم المستشار ورئيس بلدية خان يونس إبراهيم حسين دهشان أبوستة (أبوحسين) التي لبت نداء مولاها مؤخراً عن سبعة وثمانين عاماً قضتها في خدمة الأهل والبلد والوطن.
لقد رحلت سيدة خان يونس ورائدة التعليم فيها إلى الرحاب الإلهية بعد أن سجلت حضورها الفاعل في قلوب وعقول ودفاتر طالباتها في حقول التربية والتعليم، وكذا في مواقع النضال السياسي والاجتماعي.
وقد أدت رسالتها الإنسانية وواجباتها الحياتية كاملة غير منقوصة. وقد وهبها الوهاب شخصية آسرة محببة يزينها خلق رفيع، وهمة عالية لا تركن إلى الدعة ولا تستسلم للخذلان والصغار. تردد اسمها تكراراً إثر تكرار على مسامعنا مذ تفتحت حدقات قلوبنا على فضاءات الحياة في خان يونسنا الغالية مطلع خمسينات القرن الماضي.
وتتالت رويدا رويدا مظاهر عطاءاتها ونشاطاتها التي كانت تنهل من ينبوع والدها العالم الأزهري المرحوم الشيخ حافظ حسن البطة (1892 - 1962) أحد أبرز وجوه مدينة خان يونس في النصف الأول من القرن العشرين، والذي اعتمر الأزهر الشريف بمصر المحروسة عام 1907 رفقة عمنا الراحل الشيخ سعيد حمدان الأغا (1895-1948) وهما أول طالبين حازا شهادة العالمية الأزهرية من أبناء خان يونس، وقد عملا بعد تخرجهما بالتدريس والافتاء والإمامة.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن الآنسة مديحة شغلت في العام 1946 منصب أول «مديرة» من أبناء خان يونس لأول مدرسة افتتحت بالمدينة منذ عام 1927 وكان من بين زميلاتها المعلمات الفضليات: زهرة شهوان وخيرية الفرا وصبيحة أمان. وفي أول يناير عام 1948 توجهت مديحة إلى رام الله لإكمال دراستها، رفقة المعلمتين زهرة عبداللطيف شهوان، وليلى مصطفى الأغا المديرتين فيما بعد.

 

الزعيم الراحل جمال عبد الناصر (الثالث من اليمين) والى جواره السيدة مديحة، المحامي زهير بشير
الريس، بينما يقف المستشار ابراهيم ابو سته زوج السيدة مديحة البطة في اقصى الشمال



معلومات طازجة

هذا وقد عثرت مؤخرا على معلومات مهمة تتعلق بنشاطات المربية المناضلة مديحة البطة، استقيتها من كتاب للمؤرخة الفلسطينية المعروفة الدكتورة فيحاء عبدالهادي بعنوان «أدوار المرأة الفلسطينية في الثلاثينات - المساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية» ويقع في جزءين. وأشارت الباحثة الجادة في كتابها إلى وجود منظمة سرية في فلسطين خلال عقدي الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي تحمل اسم «زهرة الأقحوان» أسستها مناضلة فلسطينية شبه مجهولة تدعى «مهيبة خورشيد» وأنها «جمعية نسائية اجتماعية الطابع تهتم بالوحدة بين الأديان، وتساعد الطلبة الفقراء في شكل غير مباشر» وقد امتد نشاطها فيما بعد إلى المجال العسكري الذي فرض نفسه على المجتمع الفلسطيني نظرا للأخطار البريطانية - الصهيونية التي كانت تحدق بفلسطين. وقد تبين فيما بعد أن لمنظمة «زهرة الأقحوان» صلة بالقائد البطل عبدالقادر الحسيني (1908 - 1948)، وأن مديحة البطة كانت عضوا في الجمعية، وأدت القسم مع بعض زميلاتها، وهذا نصه: «أشهد بشرفي وديني وملتي على موالاة مبدئي وبذل الغالي والنفيس في سبيل الخير، والمساعدة لكل محتاج وضعيف، أشهدت رب العالمين على ما ذكرت».
وهذه أسماء الموقعات من أعضاء الجمعية حسب ترتيبها التي وردت فيه: «صبيحة عوض، خديجة كيلاني، مديحة البطة، نجمة عكاشة، ميسر ضاهر، سنية أراني، فايزة شلوان، مبرة خالد». تاريخ التوقيع: الخميس الواقع في 20 شباط (فبراير) من عام 1948 .
وعندما تقرر إنشاء «جمعية الاتحاد النسائي الفلسطيني» عام 1964 في قطاع غزة اختيرت السيدة مديحة عضوا في مجلس التأسيس المكون من أربعة عشر عضوا، وتعد من أوائل الجمعيات النسائية التي عنيت بتقديم خدمات إنسانية واجتماعية وإغاثية للمجتمع الفلسطيني بقطاع غزة. وكانت الآنسة يسرى البربري (أول خريجة جامعية من قطاع غزة - جامعة القاهرة عام 1949) ترأس الجمعية منذ انشائها، وبعد انتقالها إلى الرحاب الإلهية عام 2009 تم تعيين نائبتها السيدة ليلى قليبو رئيسة للجمعية.
هذا.. ولا شك من وجود مآثر إيجابية أخرى للفقيدة، لكن الغربة القاسية التي هصرت كاتب هذه السطور منذ أكثر من أربعين سنة حالت دون متابعته لأدوار فاعلة اضطلعت بها أم حسين.
يا أحباب أم حسين.. أشقاء، شقيقات، أنجالاً، وكريمات، انسباء وأصهاراً، أحفاداً وحفيدات وتلميذات.. إن أم حسين لم تمت لأن العطاء الإنساني لا يموت، فجوهر الشمعة لا يكمن في شمعها الذي يذوب بل في ضوئها المنبعث منها ليبدد الظلمة وينشر الضياء.
وأرجو أن تتلطفوا أيها الكرماء بقبول أبلغ التعازي وأعمق المواساة من مخلصكم ومحبكم في الله نبيل خالد الآغا (أبو خلدون) الدوحة بتاريخ 2011/12/28م.
وصلّ اللهم وسلم وبارك على حبيبنا المصطفى بعدد ما في علمك، وزنه عرشك، ومداد كلماتك، ودوام ملكك. «إنا لله وإنا إليه راجعون» وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

نداء لسعادة وزير التربية والتعليم في غزة

من قطر الخير، ودوحة المروءة، نناشدكم بالله فاطر السماوات والأرض أن تطلقوا اسم رائدة التعليم في خان يونس المربية المرحومة مديحة حافظ البطة على إحدى مدارس البنات بمحافظة المدينة تخليداً لجهودها المقدرة في نشر التعليم.
وجزاكم الله خيرا.
نبيل خالد الآغا

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. نبيل خالد نعمات خالد الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد