مقالات

المجتمع بين الفردية والعمل الجماعي

المجتمع بين الفردية والعمل الجماعي

انطلقت الحضارة الإنسانية من الفرد باعتباره المادة الأساسية في بناء المجتمع ، الثقافي والعلمي والحضاري ، وطالما أن الأفراد هم أول من تتوجه إليهم الانتظار للبحث عن الحلول للمشاكل التي تؤثر في بنية المجتمع ، فهم مصدر قوة المجتمع ، تتحقق بإرادتهم الطموحات السامية وتعقد عليهم الآمال في عملية البناء الاجتماعي بكافة أشكاله ، فلا وجود  لمجتمع  بدون أفراده ، ولا يمكن للفرد أن يعيش بدون مجتمع ، وهذا ينطبق على كل أشكال الحياة على الأرض .

فاهتمت الدول والمؤسسات الاجتماعية بالفــرد ، وحاولت استثمار طاقاته ، ولأن المجتمع نتاج الأفراد ، حاولت المجتمعات إحداث تغيرات في بنيتها وتركيبها ، حتى تستطيع أن تجعل من أفراده أشخاصا منفعلين متحركين مشــاركين في عملية البناء ، بعيداً عن نظـــرات التهميش المستحكمة في مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص .

ومن هنا يأتي هذا الدور الفعال للفرد في مجتمعه فيؤثر فيه ويتأثر به كما أن المجتمع يتأثر في بنائه وثقافته ببنية المجتمعات المحيطة وبثقافتها سلباً أو إيجابا ، وهنا تصبح عملية بناء المجتمع عملية تكاملية بين الفرد والمجتمع ، فالفرد يملك الإرادة والقدرة على البناء ، والجماعة تهتم بأمر الأفراد وتغرس فيهم  روح الانتماء والمحبة والتعامل الراقي واعتبار أن مكونات المجتمع هي ملك للجميع وليس هناك طبقية أو حزبية .

 ومما لا شك فيه فان خلخلة البناء الاجتماعي وتشتته نابع من تأصيل النزعة الفردية التي تعني بالأساس إظهار الأنا وفرض السيطرة بأي أسلوب وهذه النظرة تجعل  الأفراد مسلوبي الإرادة وفاقدي القدرة على التغيير الفعال والمؤثر في بنية المجتمع .

 كما أن المجتمع نفسه يربي أحيانا النزعة الفردية  عند البعض بالتركيز على انجازات أفراد بعينهم من وجهة  نظر الجماعة وتسليط الضوء عليهم باعتبارهم القوة الأكثر فعالية في عملية البناء هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى فان تشخيص التحولات التي لحقت بالمجتمع أفرزت العديد من المتغيرات الايجابية والسلبية ، وهذه الأخيرة أصبحت نمطا من أنماط السلوك الاجتماعي ، وأصبحت قيم انتهاز الفرص وتنمية العلاقات الشخصية من اجل المنفعة الشخصية سلوكا اجتماعيا مقبولا لدى البعض ، دون الاهتمام بحاجات باقي إفراد الجماعة .

إن البنية الاقتصادية للمجتمع  لعبت دورا مهما في عملية البناء الاجتماعي ، واصطبغت قيم المجتمع في كثير من الأحيان بصبغة اقتصادية ، أدت إلى تلاشي النظام القيمي والأخلاقي. 
وفي المقابل فان المجتمع يواجه  مجموعة من التحديات لإنتاج  فرد  مؤثر و فاعل في الحركة الاجتماعية  ، وفي سبيل التغلب على هذه التحديات لا بد من العمل على :

أولا : العمل على دمج القدرات والإمكانيات الفردية في أنشطة وأعمال جماعية تقود  إلى إنتاج مجتمع تتشابك فيه الإمكانات من خلال استيعاب ملكية العمل الفردي وصهر كافة أعماله في بوتقة العمل الجماعي والذي يقود في نهاية الأمر إلى تطوير المجتمع تطورا سليماً اقتصاديا واجتماعياً  .

ثانيا : لا بد للمجتمع  أن ينظر إلى الفرد باعتباره أساس أي مجتمع وأنه القادر على تحقيق أهدافه وأنه القوة الكامنة في عملية إصلاح المجتمع ، ويترتب عليه نجاح المجتمع ككل ، فكلما زاد عدد أفراده الناجحين والمحققين لتطلعاته ، زادت قدرته على الصمود وعلى مواجهة المشكلات .

ثالثا : طالما أن المجتمع يهدف إلى تحقيق أهداف أفراده ، وان الفرد يقبل هذه الأهداف ويلتزم بها ، فان هذا يمثل حالة التكامل بين الفرد ومجتمعه ، وان التعارض في الأهداف يؤثر ـ سلبا ـ في مسار التطور الاجتماعي .

رابعا :العمل الجماعي يحتاج إلى تحقيق التوازن بين الروح الفردية والروح الجماعية التي لا تجعل أعمال الناس الفردية بلا قيمة ، ولا تنمي فيهم الفردية البغيضة التي تتبدل شيئاً فشيئاُ إلى التخلي عن روح العمل الجماعي .

خامسا :لا بد من تغيير النظرة إلى إفراد الجماعة وفق معايير الحالة الاقتصادية و المادية وعدم التعامل مع  ميسوري الحال (الفقراء ) باعتبارهم جزء زائد عن الحاجة استوجب النفي والتخلص منه .

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. بيان أحمد يوسف الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد