متفرقات

بأي عيد نفرح- بقلم أ. عبدالكريم عاشور

بأي عيد نفرح..؟!
نعلم أن اليوم يوم عيد ، شرعه المولى عيدا مجيدا ، ليفرح فيها الصائمون بالقبول وقبض جوائزهم بعد انتهاء عمل ، فهو يوم عيد وفرح ، ومن حقنا أن نفرح .. وحق لقلوبنا أن تسعد .. ولنفوسنا أن تبتهج .ولكن بأى عيد نفرح وبأى قلب نسعد؟!فوالله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن لما آل إليه أمرالشعب الفلسطينى المظلوم ، من جراء جور الظلمة والطغاة والجبابرة ، فإن المتأمل لأحوال الأمة العربية سيبكي دماً بدل الدمع على ما الت اليه امتنا العربية من قتل وذبح وتهجير !! فبأى عيد نفرح ، وبأى قلب نسعد؟! واطفال غزة في فلسطين قد حرموا لذة العيد ومعانيه .

بأي عيد نفرح ، وبأي قلب نسعد ؟! ولنا اطفال في فلسطين سلبت فرحة العيد منهم بتغيب أبائهم  في غياهب سجون العدو الصهيونى.
بأي عيد نفرح ، وبأي قلب نسعد ؟! وطفلة سورية بعمر الزهرة الندية تختبئ في زواية الغرفة المظلمة رعباً من مشهد استشهاد ابيها الذي قتل برصاص الأمن الغادرة .
بأي عيد نفرح ، وبأي قلب نسعد ؟! ولنا أمهات لازلن يتوشحن السواد على فلذات اكبادهن الذين استشهدوا  في الانتفاضة المباركة بأيدي جنرالات الغدر والخيانة الصهيونية .
بأي عيد نفرح ، وبأي قلب نسعد ؟!  ولنا إخوة قد هدمت بيتوتهم ، وشرد أهليهم ، وسلبت أرضيهم ، وسفكت دماء ابنائهم، ومزقت أشلائهم .
بأي عيد نفرح ، وبأي قلب نسعد ؟! واسرائيل قد قتلت شيخ الشهداء ابا عمار والشيخ احمد ياسين و... المفسدون لازلون يعيثون في الأرض الفساد .
بأي عيد نفرح ، وبأي قلب نسعد وآلاف الشباب الغيارى على العرض والارض قد حرموا من السجود على تربة الوطن فى القدس الجريح.
بأي عيد أفرح أنا ، وبأي قلب أسعد ؟! ودماء  الشهيد تصرخ علي ، تزلزلنى من داخلي ، ألازال الطغاة يسيرون على الارض المقدسة .
بأي عيد أفرح أنا ، وبأي قلب أسعد ؟! وقلبي يعترص دماً وألماً شوقاً الى تقبيل يد أمي وابى رحمهما الله .
بأي عيد أفرح ، وبأي قلب أسعد ؟! وبسمة الاطفال اليتامى لا تغيب عن ناظري ، وكأنها تتسائل ؟ أين أبي ، أين امى .
بأي عيد أفرح ، وبأي قلب أسعد ؟! وصديقي  في زنزانته لا يستطيع الرد على تهنيئتي .
 فبأى عيد نفرح نحن الفلسطينيين ، وبأى قلب نسعد؟! ونحن منقسمون ومتخاصمون ومتفرقون؟
فباى عيد افرح وأخت سورية شريفة طهارة طهارة مريم قد انتهك عرضها ..، وضاع شرفها ..، وها هى  أخيراً تصرخ قائلة: أن اقتلونى ..، واقتلوا العار الذى أحمله بين أحشائي هذا هو رجاؤها الأخير بعد ما صرخت طويلاً..، طويلاً..!!وا إسلاماه ..وا إسلاماه ..

ولكن .... ما ثم مسلم يغيث وينجد ، فالمسلمون قد رموا قرآنهم وراء ظهورهم ظهريا ، وجعلوا اصابعهم في آذانهم ، واستغشوا ثيابهم ، واستكبروا على الحق المبين استكبارا.

ما ثم مسلم يغيث من استغاث به وصاح، مع أنه صلى الله عليه وسلم  يقول كما في الصحيحين من حديث النعمان بن البشير:«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ».
فبأى عيد تفرح أيها المسلم وبأى قلب تسعد؟! وبرك الدماء وأكوام الأشلاء تجسد الفجيعة وتحكى المأساة فلا زالت أحداث المسرحية الهزلية المحرقة تمارسُ على خشبة المسرح العالمى..، في سوريا الجريحة..، وفى بورما وفى افغانستان وفى العراق وفى فلسطين..وفى كل مكان يتعرض له المسلمون الى التنكيل والقتل والتعذيب والاضطهادالعرقى.

ولا زال المشاهدون من جميع أنحاء العالم قابعين في مقاعدهم ، منهم من يبارك هذه التصفية الجسدية، والتفرقة العنصرية ، ومنهم من جلس يبكى ويمسح عينه بمنديل حريرى ، ولكنه ما زال قابعاً في مقعده ، ليشهد آخر فصول المسرحية!!
ما الذى حدث؟ وما الذى جرى لأمة ، دستورها هو القرآن ..، ونبيُها هو محمدٌ عليه الصلاة والسلام.ما الذى غيرها وما الذى بدَّلها؟أصبحت في ذيل القافلة الإنسانية بعد أن كانت تقود الإنسانية بجدارة واقتدار،وأصبحت تتسولُ على موائد الفكر الإنسانى ، بعد أن كانت منارة تهدى الحيارى، والتائهيين .

 أهذه هى الأمة التى وصفها الله بالخيرية في قوله سبحانه:
( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)(سورة آل عمران 110)

أهذه هى الأمة التى وصفها الله بالوسطية ..!؟ فقال سبحانه:
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)(سورة البقرة 143)

أهذا هى الأمة التى وصفها الله بالوحدة..!؟ في قوله جل وعلا:( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون )ِ (سورة الانبياء 92)
والجواب بحق وصدق.

إن الاختلاف شاسع..، وإن الفرق كبير بين الأمة التى زكاها الله في قرآنه كلَّ هذه التزكية ، وبينَ الأمةِ التى نراها الآن في واقعنا المعاصر.
فإننا نرى أُمةً  عطلت دستورها ، ورمت بقرآنها خلف ظهرها ، أمرت بالمنكر ، ونهت عن المعروف ، نصرت الظالم ، وقمعت وسحقت المظلوم ، وسلبت الحقوق من أهلها ، وسكتت عن جور الظالمين والطغاة والجبابرة ، وخرج من بينها انصاف علماء يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً ، زينوا الظلم لطغاتهم ، وقبحوا العدل والانصاف في عيون شعوبهم .

والسؤال الذى يطرح نفسها بشده.. ما الحل ، وأين طريق الخلاص
والجواب  في قول الله جل وعلا: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
هذه سنة ربانية ثابتة  لا تتغير ، ينبغى أن تكون راسخةً في القلوب والعقول .
والآن .... !! مع كل هذه الضربات وفى وسط تلك المؤامرات ضد الشعب الفلسطينى الأبي ، وبالرغم من وجود هذه التحديات .. بفضل رب الأرض والسموات.
بدأت الأمة تصحو من جديد..، وتعالت أصوات المخلصين الصادقين من أبناء فلسطين المظلومين للمطالبة بحقوقهم ، واسترجاع أرضهم وكرامتهم التي سلبتها إياهم الطغاة والظلمة ، وهم مسترجعوها ... مسترجعوها ... شاء من شاء .. وأبى من أبى .. حقيقة لا جدال فيها .. ولكن أين المسلمين منها ، من فضلها ...من فضل المسجد الاقصى والحرم الابراهيمى الشريف ؟ !
لا طريق ، ولا خيار للمسلمين بأجمعهم ، بشعوبهم ، بمؤسساتهم ، بحكوماتهم ، لا طريق أمامهم في حال أرادوا تنفيذ وصية الله في الارض والخلق إلا أن يعود بكليتهم إلى الإسلام بكماله، وشموله، وفروعه ، وأصوله.إلى مصدر عزها ..، ونبع شرفها ..، ومعين كرامتها ..،وأصل قيادتها وسيادتها وبقائها.وأن تعى الأمة إلى درجة اليقين هذه الحقيقة الكبيرة ، وتعي كلام ربها وهديه في مثل هذا الموقف وان نتوحد على قلب رجل واحد وان ننبذ الفرقة والاختلاف ونتسلح بسلاح الوحدة الوطنية وان ننصف المظلوم ونعاقب الظالم ولا نقف موقف المتفرج..

بسم الله الرحمن الرحيم: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:9-10]. - ولا يخفى إلا على كل متكابر متجاهل من هي الفئة الباغبة ، كما لا يخفى على احد مطالبة الفلسطينيين بلوحدة على مدار الوقت - ولكن للاسف لاحياة لمن تنادى لان المصالح الشخصية والاهواء غرتهم بلحياة الدنيا ونسو ان متاع الدنيا قليل .

وأخيراً ....
اليوم عيد .. عشت فيه ألف قصة وحكاية حزينة ،ولكننا سنفرح بالعيد رغماً عن الجرح النازف ، سنفرح والآلام تحصدنا واحداً تلو الآخر ، سنحتفل بالعيد ، وسنتقرب لربنا عز وجل بالطاعات والدعاء والابتهالات ، امتثالاً لأمره ، ونكاية فيمن يحاولون إيلامنا ، وتحدياً لقوى الشر والضلالة والكفر. سنفرح أيها الطغاة والظلمة .... !سنفرح يا بنو صهيون وامريكا سنفرح ايها الظالمون وايها المتجبرون لن تسرقوا الشمس من عيوننــا ..ولن تحملونا على نسيان فلسطينناو حقوقنا واقصانا فنحن مقبلون إقبال الربيع ونحن أصحاب الحق  واصحاب حق العودة واصحاب العيد هذه المرة ..
فكل عام وانتم بخير يا شعب فلسطين ..

بقلم الكاتب/أ.عبد الكريم احمد عاشور
abedashour55@hotmail.com                   

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد