مقالات

الإسلاميون في بؤرة الاهتمام- أ. بلال فوزي الأغا


لعل الحديث عن الحركة الاسلامية الآن أصبح مثار اهتمام بالغ لكثير من الناس اليوم محلياً وعالمياً، بسبب ما هيأ الله تعالى من ظروف وأوضاع أبلى فيها الاسلاميون بلاءً حسناً تسلموا بعدها زمام الحكم في بلاد الثورات العربية، وينقسم المهتمون بالحركة الاسلامية الآن الى ثلاثة أصناف:

أولاً: أبناؤها ومؤيدوها:
وهم الذين انتظموا فيها وعملوا معها وأيدوها بالسر والعلن، فهموا مشروعها حين غفل الناس عنه، وحين عادتهم الدولة وأجهزتها وحاربتهم باسم القانون والدستور والمصلحة العليا للشعب والواقعية السياسية وبعض هذه الطروحات، فتحدوا كل هذه العقبات وتحملوا في سبيلها المشاق والسجون والابعاد وعاشوا مرحلة "ويمكرون ويمكرون" بكل مراراتها، حتى جاءت مرحلة جديدة هي مرحلة "ويمكر الله، والله خير الماكرين" فإذا بالمبعد والسجين والطريد والمعزول والمحظور صار محظوظاً فهو الرئيس والكبير والمرشد والمتنفذ في البلاد يحكمها بالرؤية الاسلامية السديدة، فسبحان مغير الأحوال، وهؤلاء الذين صبروا على الفكرة حتى صارت بذرة وزرعوها في التربة الصالحة وخرج من يقتلعها ويستأصل شأفتها فصبروا على النبتة حتى صارت شجرة وارفة الظلال لا يضرها من خالفها ولا من خذلها، وقد ضرب الله تعالى مثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار،، وأتباعها ومؤيدوها هم أكثر المهتمين بها اليقظين لتمامها وعدم سرقتها مستعدين للبذل في سبيلها كل ما يملكون، ولعل شهداء فلسطين وسورية ومصر وكل بلاد المسلمين أكبر شاهد على ذلك.

ثانياً: الجاهلون بها والمتخوفون منها:
وهم الذين تسوقهم الكلمات ووسائل الاعلام والقناعات غير الناضجة، فهؤلاء نقول لهم: كونوا منصفين وعادلين ومن العدل والانصاف ألا تسمعوا عن الآخر من خصمه، بل اسمعوه بلسانه وهو يتكلم عن نفسه، وسيظهر الله تعالى لكم وجوهاً ناصعة البياض وفهماً منقطع النظير، وذكاءً غير متوقع في تجارب الحكم من قادة الحركة الاسلامية ورموزها، ان أعظم موقف نصرة لعقيدة أهل السنة والجماعة ان يقف رئيس مصر شامخاً قوياً يترضى على الصحابة الكرام في عقر دار الشيعة، أو أن يقف في الأمم المتحدة بعد مقتل السفير الأمريكي في ليبيا انتصاراً لرسولنا صلى الله عليه وسلم، فيقول للعالم: "رسولنا محمد خط أحمر نعادي من يعاديه ونوالي من يواليه"، لم تمنعه الدبلوماسية والشرعية والرسمية والعالمية ان يدهن في كلامه او يتملق احداً، فان اكبر ما يميز التجربة السياسية الاسلامية انها تستعصي ان تذوب في الاحماض المركزة للمجتمع او الخصم او الدنيا وملذاتها وشهواتها والنظام العالمي الجديد، بل انها نسيج متين رحماء بينهم أشداء على الكفار، وستظهر لكم الأيام أكثر من ذلك، ولا يكن سراقة بن مالك لما كان كافراً أفقه منكم، فهو لما رأى ان الله تعالى حفظ محمداً ومنعه وعصمه من الناس ودون ان يعرف عن تفاصيل دينه وفهمه ومشروعه الذي جاء ليستأصله ويمسكه لقريش من أجل المال، قال فعرفت انه ممنوع، والحركة الاسلامية اليوم وسط هذا العالم الذي يقدم مصالحه وشهواته وظلمه ومحاربته للاسلام "كبيضة صغيرة ضعيفة رقيقة القشرة قريبة عهد برحم امها في حظيرة ثيران يحاولون كسرها ويحفظها الله وسط كل هذه المؤامرات، حتى تولد منها حياة جديدة وقوة فريدة ".

ثالثاً: أعداؤها وخصومها:  
وهم الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، قد كان لكم آية في فئتين التقتا في المعركة الحربية في غزة، أو المعركة الانتخابية والاستفتاء في مصر وغيرها، فئة تعمل في سبيل الله، وفئة تعمل لمصالحها الخاصة وتغطية سوءاتها السابقة وفئة سماهم شعبهم في مصر بالفلول، وفي اليمن بالبلاطجة، وفي سوريا بالشبيحة، العاقل من اتعظ بغيره، لن يعتبر هؤلاء حتى يكون مصيرهم ما قاله الله تعالى: "انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض"، وقوله تعالى "ان الذين كفروا ينفقون أموالهم في سبيل الله، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون، والذين كفروا الى جهنم يحشرون".
اذن الحركة الاسلامية في بؤرة اهتمام اتباعها ليحموها ويحافظوا عليها، وفي بؤرة اهتمام خصومها لينقضوا عليها ويستأصلوها ويفشلوها بكل الوسائل، وفي بؤرة اهتمام الجاهلين بها ليبدأوا رحلة اكتشافها وفهمها مع الأيام والاحداث والظروف.

قال آينشتاين: "لا تستطيع قوة في الدنيا ان تمنع فكرة نضجت وجاء موعد قطفها ان تخرج لحيز الواقع"، ويقصد بذلك الافكار الفيزيائية، فما بالنا بالفكر الاسلامي النابع من القرآن والسنة؟. لذا يشمل الحديث عن الحركة الاسلامية الى قسمين:

1- كلام نظري فكري تنظيري تجريدي يتضمن الكلام عن: مفاهيمها وأفكارها وأهدافها ووسائلها وتأصيل عملها وآرائها ومواقفها من كثير من القضايا الحياتية والسياسية في الحياة المعاصرة.
2- كلام واقعي ميداني تطبيقي مستقبلي حركي تخطيطي يتضمن الحديث عن مشروعها الاصلاحي في حياة الناس اين وصل؟ وفي أي المراحل يسير؟
وكم أتباعه ومؤيدوه؟ وكم فرع للحركة في العالم الاسلامي؟ وماذا بقي من المراحل العمرية للمشروع حتى يستوي على عوده.

لقد جاء الوقت الأنسب الآن الذي تطرح فيه الحركة الاسلامية مشروعها الاسلامي أمام جميع المسلمين، وما من فكرة تطرح الا ولها مؤيد ومعارض، ولكن لينوا في ايدي اخوانكم من اجل الهدف الاكبر، تطرح فكرها وتُسَوِّقَ له وتدعو الجميع للعمل معها والانضواء تحت لوائها لنصرة هذا الدين.

واختم مقالتي هذه بقول الامام البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين يجيب فيها عن سؤال: هل دعوة الاخوان خاصة أم عامة؟ فيقول: "ترى الجماعة ان دعوتها عامة لجميع المسلمين، وليست خاصة بصفوة منهم، فهي لا تتحرج في ضم المقصرين في الطاعات المقبلين على بعض المعاصي ما دامت تعرف منهم خوف الله، واحترام النظام، وحسن الطاعة، فهي تأمل تربيتهم بداخلها، ولكنها ترفض الملاحدة، كما ترفض الصالحين الذين لا يحترمون النظام، ولا يقدرون معنى الطاعة لعدم صلاحيتهم للعمل الجماعي، ومن مهمة الجماعة تحويل عناصرها الى صفوة بين الناس، لأنه لا يصلح لهذه الدعوة الا من حاطها من كل جوانبها، ووهب لها ما تكلفه اياه من نفسه وماله ووقته وصحته على تفاوت بين العناصر في استعدادهم وامكاناتهم والتزامهم".

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على الأستاذ بلال فوزي جبارة محمد بخيت أحمد إبراهيم(بدوي) الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد