مقالات

وعاد قطار المدرسة . بقلم أ. حمدان يوسف الأغا

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله, تمر الأيام... وتمضي... وها نحن نعود إلى الدوام المدرسي بعد إجازة صيفية مليئة بالأحداث المثيرة التي مرت بنا ومرت من حولنا وأبرزها العدوان الإسرائيلي على غزة ... نعود إلى بيت من بيوت العلم وقد فقدنا عدد من طلبتنا وزملائنا المعلمين شهداء, نعود إلى المدرسة والاشتياق تفوح رائحته باستقبال أصدقائنا وزملائنا المعلمين والطلاب والاداريين وجدران غرفة المعلمين والمختبرات والساحة والمصلى والأشجار وكأس الشاي...
فهيا بنا نفكر بعمق- كيف يمكننا أن نستقبل زملائنا وأصدقائنا المعلمين والطلاب في المدرسة؟ كيف يمكن لمدير المدرسة أن يستقبلنا؟؛ لكي نبدأ عاماً دراسياً تسوده بيئة صالحة للعلم والعمل... كيف يمكن أن نخطط لاستقبال طلابنا "بناة الوطن"؟... هل يمكن أن نستقبلهم بالورود والحلوى؟... هل يمكن أن نعيش معهم قصصهم وحكاياتهم التي عاشوها في الإجازة الصيفية؟... هل يمكن أن نعد برنامج خاص بذلك يتم وضعه في مكتبة المدرسة ونشره؟... هل يمكننا أن نفكر بجدية في أنشطة ابتكارية للتفريغ والدعم النفسي لهم بعد العدوان الإسرائيلي على غزة وتُعزز من اتجاهاتهم الإيجابية نحو المدرسة؟... ثمة أنشطة يمكن للمعلم تنفيذها مع الطلاب, منها: ماذا تحب؟ ماذا تكره؟ ماذا أستطيع؟ ماذا لا أستطيع؟ لعبة التعارف... اتفاقية الصف... انتخابات صفية لاختيار عريف الصف ونائبه وعريف الاتصال ومسؤول اللجنة العلمية والاجتماعية... هي سياقات مختلفة ومعبرة تعكس عمق التواصل بين شبكة العلاقات داخل المدرسة (المدير, والمعلم, والطالب, والمرشد).

لعل من أبسط حقوق الطالب أن يجلس على مقعد نظيف في غرفة نظيفة وساحة جميلة ويؤدي الصلوات في مصلى بسيط, وهنا يأتي دور الإدارة المدرسية في تجهيز الأمور المادية والمعنوية لطلابنا, وتوزيع الطلاب بالعدل على الشُعَب الصفية, كما وتقوم الإدارة المدرسية باستقبال المعلمين, وتوضيح الأسس والقواعد للنظام المدرسي لهم؛ لكي يتم اتباعها طوال العام الدراسي من حيث التعامل مع الطلاب, وتوزيع اللجان على المعلمين, وإبراز الدور الفعال للمرشد التربوي في المدرسة بصفته حلقة الوصل بين المدير والمعلم والطالب وولي الأمر.


وهنا تجدر الإشارة إلى دور المعلم الريادي- المعلم الذي يعلم طلابه من قلبه قبل الكتب- في استقبال طلبته وتهيئة جو يسوده الود والمحبة والتعاون والتواصل, يتحدث المعلم أحمد "أنا أجتمع بطلابي في المصلى وأتواصل معهم" ويتحدث المعلم محمد "أنا ألتقي بطلابي تحت شجرة المدرسة موضحاً لهم اتفاقية الصف" ويقول المعلم ناصر "أنا أوضح لطلابي القواعد والأسس الصفية بمشاركتهم في الحكايات التي عاشوها وكيفية الاستفادة منها", ويتحدث المعلم هاني: " في لقائي الأول مع طلابي كان الحديث حول هدفي في الحياة وبعض القصص والحكايات, وكيف أخطط لبرامج الدراسة, كيف أستفيد من تجاربي وتجارب الآخرين في الحياة", وبعد ذلك يأتي دور مراجعة المهارات الأساسية للمبحث, ومن ثم إعداد اختبار تشخيصي للمهارات السابقة, ويتم تصحيحه بطريقة هل تم اتقان المهارة أم لم يتم اتقانها؟... ثم يعالج مرة أخرى المهارات التي لم يتم اتقانها... وينتقل إلى المنهاج الدراسي ويبدأ بوضع خطته وبشرح الموضوعات بطرق مغايرة وإبداعية قدر الإمكان, وطوال فترات العام الدراسي ينسق مع مدير المدرسة والمرشد وزملائه المعلمين, ويتواصل مع أولياء الأمور لمتابعة أبنائهم, وكيف يمد يد العون لمساعدتهم وتقديم الارشادات لهم.

ولا ننسى دور ولي الأمر في تحضير الأدوات والقرطاسية وكساء الطالب بالزي المدرسي, والجلوس معه لتوضيح دور المدرسة وكيفية احترام العاملين فيها, ولكن في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها يعجز بعض أولياء الأمور عن تلبيه احتياجات أبنائهم المدرسية, وهنا يأتي دور الجمعيات والمؤسسات الخيرية في دعم الطلاب المادي والمعنوي, خصوصاً وأن عدة مؤسسات وعدت بتوفير قرطاسية للطلبة, بل ويمكنها مشاركة المدارس وتفعيل برامجها العلاجية والتمكينية والاثرائية الإبداعية والحياتية بالتنسيق مع الوزارة والمديريات.

ويمكن القول بأن ثمة التفاعلات السابقة بين شبكة العلاقات في المدرسة تفضي بنا إلى مخرجات أعمق من التحصيل الدراسي وربما أكثر ثراءً في المشاركة والتفاعل والاندماج في عصب الحياة المدرسية بل وخارجها, وخير دليل على ذلك إلتقائنا بالطلاب العائدين إلى مدارسهم ولسان حالهم يقول: عدنا يا مدرستي... عدنا إليكِ يا بيتنا الثاني... فيا مديري كن معي... و يا معلمي كن عوناً لي... و يا مرشدي ساعدني... لنكن معاً دوماً لتحقيق الأمل وبناء جيل المستقبل.

ملاحظة: المقال تم تنقيحه من مقال سابق بعنوان (عدنا يا مدرستي)


بقلم/ حمدان يوسف الأغا
معلم في مدرسة كمال ناصر الثانوية للبنين
مديرية التربية والتعليم- خان يونس

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على الأستاذ حمدان يوسف حمدان يوسف حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد